مبدعون فلسطينيّون يغيبون عن المشهد الثقافي في العام 2021

غيّب الموت في العام 2021، نخبة من أبرز المبدعين الفلسطينيين في مختلف المجالات، كان آخرهم الكاتب والإعلامي الزميل حسن البطل، صباح الثامن من كانون الأول 2021، عن 77 عاماً، ليكمل تلك الصورة القاتمة لعام شهد رحيل أيقونات ثقافية وفنيّة كالشاعر مريد البرغوثي، والشاعر عز الدين المناصرة، والروائية ليلى الأطرش، والشاعر أحمد يعقوب، والمخرج السينمائي نصري حجاج، والفنان التشكيلي كريم دبّاح، والكاتبة والأكاديمية إلهام أبو غزالة، وغيرهم.

 

كريم دبّاح (10 شباط/ فبراير)

رحل الفنان كريم دباح أحد أعمدة الفن التشكيلي الفلسطيني عن عمر 84 عاماً، في العاشر من شباط للعام 2021، ويعدّ واحداً من أبرز قامات وأعمدة الفن التشكيلي الفلسطيني، هو المولود في “حي القطمون” غرب القدس يوم الحادي والعشرين من نيسان 1937.

عمل الراحل محاضراً للفنون التشكيلية في عدة جامعات: كلية النجاح الوطنية العام 1973، وجامعة القدس المفتوحة، وحاضر في جامعة بيرزيت، وأسس العام 2010 دائرة الفنون في جامعة القدس.

وشكل دباح في العام 1988 جمعية ناجي العلي للفنون، وكان انتخب عضواً في الهيئة الإدارية لرابطة التشكيليين في العام 1974.

 

 

مريد البرغوثي (14 شباط/ فبراير)

رحل الشاعر الكبير مريد البرغوثي، مساء 14 شباط، في العاصمة الأردنية عمّان، عن عمر ناهز 77 عاماً، حسب ما أعلن عدد من أقاربه على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.

والشاعر البرغوثي من مواليد قرية دير غسانة شمال غربي مدينة رام الله، في الثامن من تموز 1944، وتلقى تعليمه في مدرسة رام الله الثانوية، وسافر إلى مصر في العام 1963، حيث التحق بجامعة القاهرة وتخرج في قسم اللغة الإنكليزية وآدابها العام 1967، وهو العام الذي احتلت فيه إسرائيل بقية الأرض الفلسطينية، بما فيها قريته، ومن ثمّ منعت الفلسطينيين الذين تصادف وجودهم خارج بلادهم من العودة إليها.

تزوج من الروائية المصرية رضوى عاشور، الراحلة في العام 2014، وأستاذة الأدب الإنكليزي في جامعة عين شمس بالقاهرة، سابقاً، ولهما ولد واحد هو الشاعر والأكاديمي تميم البرغوثي.

نشر مجموعته الشعرية الأولى العام 1972، بعنوان “الطوفان وإعادة التكوين”، وأصدرت له المؤسسة العربية للدراسات والنشر مجلّد الأعمال الشعرية العام 1997، في حين صدرت آخر مجموعاته في العام 2018 بعنوان “استيقظ كي تحلم”.

وحصل مريد البرغوثي على جائزة فلسطين في الآداب العام 2000، وترجمت أشعاره إلى عدة لغات وحاز كتابه النثري “رأيت رام الله” (1997) على جائزة نجيب محفوظ للآداب، وهو الكتاب الذي صدر باللغة الإنكليزية بترجمة للكاتبة أهداف سويف، ومقدمة لإدوارد سعيد في ثلاث طبعات، ثم ترجم إلى لغات عديدة.

شارك البرغوثي في عدد كبير من اللقاءات الشعرية ومعارض الكتاب الكبرى في العالم، وقدم محاضرات عن الشعر الفلسطيني والعربي في جامعات العالم كلها، وتم اختياره رئيساً للجنة التحكيم للجائزة العالمية للرواية العربية للعام 2015، وكان ممن طالبوا في العام الماضي بسحب التمويل الإماراتي للجائزة؛ إثر توقيع اتفاق التطبيع بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.

 

 

عز الدين المناصرة (5 نيسان/ أبريل)

رحل الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة، في الساعات الأولى من صباح الخامس من نيسان، متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، في العاصمة الأردنية عمّان، عن عمر يناهز 75 عاماً، قضاه مناضلاً صلباً، وشاعراً مجدداً، وناقداً كبيراً ساهم بتجديد الخطاب الشعري العربي.

وتفاعل كثير من المبدعين الفلسطينيين والعرب مع رحيل المناصرة، المولود في 11 نيسان 1946 في بلدة بني نعيم قرب الخليل، باعتباره من أبرز الشعراء الفلسطينيين، على أكثر من مستوى، بحيث اشتهر بعديد القصائد، بينها تلك المُغنّاة، كأغنيتي “بالأخضر كفّناه” و”جفرا”، وكانتا عنوانين لمجموعتين شعريّتين له، علاوة على عديد القصائد، على مدار تجربته الإبداعية التي تواصلت منذ نهاية ستينيات القرن الماضي.

وحصل من وصفه بعض النقاد بأحد رواد الحركة الشعرية العربية الحديثة، على تقدير عالٍ، سواء لكونه شاعراً، أو لكونه أيضاً باحثاً وناقداً، هو الذي انطلق بتجربته الشعرية من جامعة القاهرة التي حصل منها على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإنسانية العام 1968، قبل أن ينتقل إلى الأردن حيث عمل مديراً للبرامج الثقافية في الإذاعة الأردنية في العام 1970 ولثلاثة أعوام، وكان من بين مؤسسي رابطة الكتاب الأردنيين.

 

وانخرط المناصرة في صفوف الثورة الفلسطينية بعد انتقالها إلى بيروت، حيث تطوع في صفوف المقاومة العسكرية بالتوازي مع عمله في المجال الثقافي الفلسطيني والمقاومة الثقافية كمستقل تارة، وضمن مؤسسات الثورة تارة أخرى، بحيث عمل محرراً ثقافياً لمجلة “فلسطين الثورة”، بالإضافة إلى عمله سكرتيراً لتحرير “مجلة شؤون فلسطينية” التابعة لمركز الأبحاث الفلسطيني في بيروت، هو الذي تم انتخابه عضواً للقيادة العسكرية للقوات الفلسطينية – اللبنانية المشتركة في منطقة جنوب بيروت، عند بدايات الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1976، هو الذي تم تكليفه من قبل ياسر عرفات ليدير مدرسة أبناء وبنات مخيم تل الزعتر بعد تهجير من تبقى من أهالي المخيم إلى قرية الدامور اللبنانية.

أكمل المناصرة دراساته العليا لاحقاً، وحصل على “الماجستير” في الأدب البلغاري الحديث، ودرجة الدكتوراه في النقد الحديث والأدب المقارن في جامعة صوفيا العام 1981، وبعد عودته إلى بيروت في العام 1982 شارك في صفوف المقاومة من جديد أثناء حصار بيروت، وأشرف على إصدار جريدة المعركة إلى أن غادر بيروت ضمن صفوف الفدائيين.

 

تنقل المناصرة بين عدة بلدان قبل أن تحط به الرحال في الجزائر العام 1983، حيث عمل كأستاذ للأدب في جامعة قسنطينة ثم جامعة تلمسان، فيما انتقل في مطلع تسعينيات القرن الماضي إلى الأردن، حيث أسس قسم اللغة العربية في جامعة القدس المفتوحة، قبل أن ينتقل مقرها إلى فلسطين، وبعدها بات مديراً لكلية العلوم التربوية التابعة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وجامعة فيلادلفيا، حيث حصل على رتبة الأستاذية (بروفيسور) في العام 2005.

وحصل المناصرة على عدة جوائز في الأدب من أبرزها: جائزة الدولة الأردنية التقديرية في حقل الشعر العام 1995، وجائزة القدس العام 2011 عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في القاهرة، كما فاز بجائزة فلسطين التقديرية عن مجمل الأعمال في العام 2019، بحيث أشارت لجنة التحكيم، آنذاك، إلى أن: لقصيدة المناصرة نكهة فلسطينيّة خاصّة وقد فجّر فيها الشّكل الشّعري قديمه وحديثه، وغامر في التّجريب معتمداً على الموروث العربي والفلسطيني وعلى الشّعر الرّعوي الكنعاني وعلى ثقافته الواسعة، وبرز ذلك في مجموعاته الشّعريّة منذ مجموعته “يا عنب الخليل، و”الخروج من البحر الميّت” مروراً بـ: “قمر جرش كان حزيناً”، و”بالأخضر كفّناه”، و”جفرا”، و”كنعانياذا”، و”رعويّات كنعانيّة” و”لا أثق بطائر الوقواق”، وغيرها.

 

 

أحمد يعقوب (8 آب/ أغسطس)

وكان رحيل الشاعر والمترجم الفلسطيني أحمد يعقوب، في مدينة رام الله، مساء الثامن من آب، مفاجئاً، فلم يحتمل قلبه تلك النوبة الحادة، ما أثار صدمة وحزناً كبيرَين، انعكسا بشكل ما في تعليقات المبدعين فلسطينيين وعراقيّين وعرباً، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

جدير بالذكر أن الشاعر والمترجم الراحل مولود لعائلة فلسطينية هُجّرت في عام النكبة، وتحديداً من طيرة حيفا إلى سورية، وتحديداً في مخيم اليرموك للاجئين بدمشق العام 1958، والتحق مبكراً بالعمل الوطني، عبر جبهة التحرير الفلسطينية في لبنان قبل أن ينتقل إلى العراق، ومن ثم يتجول في دول عدّة.. عاد إلى فلسطين العام 1994، بحيث عمل موظفاً في وزارة الإعلام الفلسطينية، وكان مديراً في بيت الشعر الفلسطيني، ونائب رئيس المجلس الإداري للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، وعضو الأمانة العامة السابق فيه.

برز عمله الأدبي والثقافي في مجالَي الشعر والترجمة في فترة مبكرة، بحيث أصدر العديد من المجموعات الشعرية والترجمات عن اللغة الإسبانية، كما صدر له عن دار النشر الإسبانية “أردورا”: “مراثي الكافور” (1998)، والذي ضم مختارات من قصائد الشاعر منذ 1986 حتى 2015، باللغتين العربية والإسبانية، كما تضمن شهادات للشاعر عن زيارته الأولى إلى طيرة حيفا في جبل الكرمل بعد عودته إلى أرض الوطن، وكان قد كتبها بالإسبانية مباشرة، كما تضمن الكتاب مقاطع من مذكرات الشاعر خلال العدوان على غزة في 2014.

 

وصدر له أيضاً: “أفراح حلاج الـنوى” (1995)، “لمن أرسم المنفى” (1998)، و”عراقيّات” (1999)، و”البقاء على قيد الوطن” (2002)، و”البالوع” (2003)، و”في الطريق إلى البوطيقا”، و”روح لوركا تقريباً”، وغيرها.

 

 

نصري حجاج (11 أيلول/ سبتمبر)

رحل المخرج السينمائي الفلسطيني نصري حجاج، في العاصمة النمساوية فيينا، يوم الحادي عشر من أيلول الماضي، عن عمر ناهز سبعين عاماً، هو المولود في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان العام 1951، لوالد لاجئ من قرية “الناعمة” ووالدة لبنانية.

التحق حجاج بصفوف الثورة الفلسطينية، ومن ثم أتم دراسته في بريطانيا، ليتم إبعاده عنها لاحقاً، ومن أبرز أعماله فيلم “ميونيخ: حكاية فلسطينية” الذي أثار ضجة في فرنسا بعد دعوات لمقاطعته من الجاليات اليهودية، وله أيضاً فيلم “ظل الغياب” الذي تناول ثيمة الموت والمنفى للفلسطيني، أما فيلم “كما قال الشاعر” فوثق فيه لحياة الشاعر الكبير محمود درويش.

وكتب حجاج في صحف بريطانية ولبنانية وفلسطينية، وأخرج عدة أفلام وثائقية، حاز بعضها على جوائز في مهرجانات سينمائية عربية وإقليمية ودولية، كما نشرت له مجموعة قصص قصيرة في رام الله، ترجم بعضها إلى الإنكليزية.

 

 

 

إلهام أبو غزالة (18 أيلول/ سبتمبر)

بعد حياة حافلة على الأصعدة الثقافية والأكاديمية والنضالية، رحلت، مساء الثامن عشر من أيلول، د. إلهام أبو غزالة، أستاذة اللغويات في جامعة بيرزيت، وصاحبة كتاب “رفرفات العنقاء”، الذي سردت فيه سيرتها ومسيرتها في مواجهة الفكر الصهيوني بالولايات المتحدة الأميركية.

وللراحلة أبو غزالة العديد من الكتب حول اللغة والنص، وأخرى في السيرة، من أبرزها: “مدخل إلى علم لغة النص” بالاشتراك مع روبرت ديبوغراند وولفانغ دريسلر وعلي خليل أحمد، و”رفرفات العنقاء: سيرة فلسطينية”، و”العودة إلى الوطن”، و”لوزة تغني للشجر”، و”نساء من صمت”، وغيرها، كما ترجمت كتاب “الوعي” للناقد البرازيلي باولو فريري.

وأبو غزالة من مواليد مدينة يافا العام 1939، وتمّ تهجيرها وأسرتها إلى نابلس في العام 1948، وفيها درست المرحلة الأساسية، قبل أن تسافر إلى القاهرة وتنتسب إلى جامعتها، وتحصل منها على درجة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، ومن ثم درجة الماجستير من إحدى الجامعات البريطانية في علم اللغة، فدرجة الدكتوراه من جامعة فلوريدا الأميركية العام 1979.

مارست التدريس في جامعة بيرزيت ومن ثم تم ترشيحها لمنحة فولبرايت في نيويورك، قبل أن تعود إلى نابلس مجدداً لتتفرغ للكتابة والترجمة والنقد، ومن ثم تعمل في جامعة بيرزيت مرة أخرى.

 

 

 

ليلى الأطرش (17 تشرين الأول/ أكتوبر)

وفجع الوسط الأدبي العربي عامة، والفلسطيني والأردني خاصة، في السابع عشر من تشرين الأول، بنبأ رحيل الروائية ليلى الأطرش، الوحيدة التي حازت على جائزة الدولة التقديرية في كل من فلسطين والأردن.

وحازت الأطرش، المولودة العام 1948 في بيت ساحور، على جائزة الدولة التقديرية في الآداب بفلسطين العام 2017 عن روايتها “ترانيم الغواية”، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب بالأردن العام 2014، وقبلهما جائزة أفضل رواية أردنية في 2010 عن روايتها “رغبات ذاك الخريف”.

واختيرت الأطرش ضمن قلة من الكاتبات اللواتي أثرن في مجتمعاتهن، وفق تقرير التنمية الإنسانية العربية الرابع، وترجمت بعض رواياتها وقصصها القصيرة إلى عدة لغات، وجرى تدريس البعض منها في جامعات أردنية، وعربية، وفرنسية وأميركية.

 

 

 

حسن البطل (8 كانون الأول/ ديسمبر)

وفقدت فلسطين في الثامن من الشهر الأخير للعام 2021، أبرز كاتب عمود صحافي يومي فيها، برحيل الزميل حسن البطل، الذي كرس بعمله الصحافي ومقالاته المتميزة، على مدى خمسة عقود، مكانته الفريدة في المشهد الفلسطيني الإعلامي والثقافي والسياسي.

ولد حسن البطل في 14 تموز (يوليو) 1944 في قرية الطيرة جنوب مدينة حيفا، وهجرت عائلته إبان نكبة العام 1948 إلى سورية، واجتاز المراحل الدراسية الأولى في دوما قرب دمشق، وحصل على درجة الماجستير في الجغرافية الجيولوجية من الجامعة فيها العام 1968.

المصدر

وعمل الراحل محرراً يومياً في “إذاعة فلسطين” في بغداد، وكاتباً لتعليق يومي ما بين العامين 1972 و1974، وانضم إلى هيئة تحرير مجلة “فلسطين الثورة” الناطقة باسم منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، محرراً للشؤون العربية، ومن ثم للشؤون الإسرائيلية، وكتب فيها مقالة أسبوعية بعنوان “فلسطين في الصراع” ومقالة يومية في صحيفة “فلسطين الثورة” بعنوان “في العدو” واستمر كذلك حتى الخروج من بيروت.

وعاد البطل إلى فلسطين العام 1994، والتحق بهيئة تحرير صحيفة “الأيام” بمدينة رام الله منذ تأسيسها في 25 كانون الأول (ديسمبر) العام 1995، وكتب فيها عموده “أطراف النهار” بشكل يومي لغاية شباط العام 2016، إذ بات العمود ينشر ثلاث مرات كل أسبوع إلى حين مرضه في الشهور الأخيرة.

ونال البطل جائزة فلسطين في المقالة العام 1998، حين كان الشاعر محمود درويش رئيساً للجنة التحكيم، كما حصل على وسام ودرع اتحاد الصحافيين العرب في القاهرة العام 2015، بمناسبة اليوبيل الذهبي للاتحاد، واختير البطل شخصية العام الثقافية العام 2018.

تفضل بالمشاركة:
avatar
booked.net
زورار المجلة
Flag Counter
.................... إنشاء موقع مجاني с uCoz